على الإسلام، فإن ظن ظان أن ذلك حكم من النبى (صلى الله عليه وسلم) لضارب رقبة أخيه المسلم بالكفر، فقد أعظم الغفلة وأفحش الخطأ، وذلك أنه لا ذنب يوجب لصاحبه الكفر مع الإقرار بالتوحيد والنبوة إلا بذنب يركبه صاحبه على وجه الاستحلال مع العلم بتحريمه، فأما إذا ركبه معتقدًا تحريمه، فإن ذلك معصية لله، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له، فهو بذلك الذنب آثم، ومن ملة المسلمين غير خارج؛ لقوله تعالى:(إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء)[النساء: ٤٨] فإن قال قائل: فما معنى قوله عليه السلام: (لا ترجعوا بعدى كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض) إذ كان لهم الرجوع وهو حى بينهم كفارًا، فيشترط فى نهيه النهى عن ذلك بعده؟ قيل: لذلك وجوه مفهومة: أحدها: أن يكون قال لهم: (لا ترجعوا بعدى كفارًا) لأنه قد علم أنهم لا يفعلون ذلك وهو فيهم حى، فقال لهم: لا تفعلوه بعد وفاتى، فأما قبل وفاتى فقد علمت أنكم لا تفعلونه بإعلام الله ذلك. والثانى: أن يكون عنى بقوله: (بعدى) بعد فراقى من موقفى هذا. والثالث: أن يكون عنى بقوله: (بعدى) خلافى، فيكون معنى الكلام: لا ترجعوا خلافى كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض، فتخلفونى فى أنفسكم بغير الذى أمرتكم به.