قوله (صلى الله عليه وسلم) : (أبغض الناس عند الله ملحد فى الحرم) فهذا نص من النبى (صلى الله عليه وسلم) على المعنى الباقى للحرم، ويؤيد هذا قوله تعالى لما ذكر تحريم الأربعة الأشهر:(فلا تظلموا فيهن أنفسكم)[التوبة: ٣٦] تعظيمًا للظلم فيهن؛ إذ الظلم فى غيرهن محرم أيضًا فدل تخصيصهن بالنهى عن الظلم؛ على أنها مزية على غيرها فى إثم الظلم والقتل وغيره. والساعة التى أحلت له لم يكن القتل فيها محرمًا لإدخاله إياهم فى شرائع الله، فكذلك كل قتيل يكون على شرائع الله لا يعظم فيه، ويقتص فيها من صاحبه، وقد تقدم اختلاف العلماء فى هذه المسألة فى كتاب الحج.
٧ - باب مَنْ طَلَبَ دَمَ امْرِئٍ بِغَيْرِ حَقٍّ
/ ١٨ - ابْنِ عَبَّاسٍ: قَالَ النَّبِىَّ (صلى الله عليه وسلم) : (أَبْغَضُ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ ثَلاثَةٌ: مُلْحِدٌ فِى الْحَرَمِ، وَمُبْتَغٍ فِى الإسْلامِ سُنَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ، وَمُطَّلِبُ دَمِ امْرِئٍ بِغَيْرِ حَقٍّ؛ لِيُهَرِيقَ دَمَهُ) . قال المهلب: قوله: (أبغض الناس إلى الله: ملحد. . .) لا يجوز أن يكون هؤلاء أبغض إلى الله من أهل الكفر، وإنما معناه أبغض أهل الذنوب ممن هو من جملة المسلمين، وقد عظم الله الإلحاد فى الحرم فى كتابه فقال تعالى:(ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم)[الحج: ٢٥] فاشترط أليم العذاب لمن ألحد فى الحرم زائدًا على عذابه لو ألحد فى غير الحرم، وقيل: كل ظالم فيه ملحد.