وقال محمد بن سحنون: أجمع أهل العراق معنا أن بيع المكره باطل، وهذا يدل أن البيع عندهم غير ناقل للملك، ثم نقضوا هذا بقولهم: إذا أعتق المشترى أو دبر فليس للبائع رد ذلك. فيقال لهم: هل بيع الإكراه ناقل للملك؟ فإن قالوا: لا بطل عتق المشترى وتدبيره كما بطلت هبته، وإن كان ناقلا للملك فأجيزوا كل شىء صنع المشترى من هبة وغيرها، وإذا قصد المشترى للشراء بعد علمه بالإكراه صار كالغاصب. وقد أجمع العلماء فى عتق الغاصب أن للسيد أن يزيله ويأخذ عبده، وقال أهل العراق: إن له أن يضمن إن شاء الذى ولى الإكراه، وإن شاء المشترى المعتق. فجعلوه فى معنى الغاصب، وقال: إن بيع المشترى شراءً فاسدًا ماض ويوجب القيمة، ففرقوا بينه وبين البيع الفاسد وجعلوه كالغاصب. ووجه استدلال البخارى بحديث جابر فى هذه المسألة أن الذى دبره لما لم يكن له مال غيره كان تدبيره سفهًا من فعله، فرد النبى (صلى الله عليه وسلم) ذلك من فعله، وإن كان ملكه للعبد صحيحًا كان من اشتراه شراءً فاسدًا، ولم يصح له ملكه إذا دبره أو أعتقه أولى أن يرد فعله، من أجل أنه لم يصح له ملكه.
٦ - باب مِنَ الإكْرَاهِ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا (الآيَةَ [النساء: ١٩]