والحجة عليهما قوله (صلى الله عليه وسلم) : (أيما إهاب دبغ فقد طهر) وإنما نهى عن افتراش جلود السباع التى لم تدبغ. وأما قولهم إن الذكاة لا تعمل فى السباع. فإنها تعمل فيها، ويستغنى فيها عن الدباغ، إلا الخنزير وإنما لم يعمل فيه لأنه محرم العين، وحكى عن أبى يوسف وأهل الظاهر أن جلد الخنزير يطهره الدباغ، وهو قول سحنون ومحمد بن عبد الحكم، واحتجوا بعموم قوله (صلى الله عليه وسلم) : (أيما إهاب دبغ فقد طهر) والصواب قول الجمهور. والفرق بين الخنزير وغيره أن النص ورد بتحريمه، والإجماع حاصل على المنع من اقتنائه فلم تعمل الذكاة فى لحمه ولا جلده، فكذلك الدباغ لا يطهر جلده. وأجاز مالك والكوفيون الخرازة بشعره، ومنع ذلك الشافعى لتحريم عينه.
[- باب: المسك]
٠٤٦ / - فيه: أَبُو هُرَيْرَةَ، قال (صلى الله عليه وسلم) : (مَا مِنْ مَكْلُومٍ يُكْلَمُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ إِلا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَكَلْمُهُ يَدْمَى، اللَّوْنُ لَوْنُ دَمٍ وَالرِّيحُ رِيحُ مِسْكٍ) . ٢٠٤٧ / وفيه: أَبُو مُوسَى، قَالَ النَّبِىّ، (صلى الله عليه وسلم) : (مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالسَّوْءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ، وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحَامِلُ الْمِسْكِ، إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الْكِيرِ، إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً) . قال المؤلف: إنما أدخل المسك فى هذا الباب ليدل على تحليله إذ أصله التحريم؛ لأنه دم، فلما تغير عن الحالة المكروهة عن الدم، وهو الزهم وبفيح الرائحة صار حلالا بطيب الرائحة،