الصاع فى بعض الأوقات إذا غالبه الجوع وآلمه فكثيرًا كان يجوع نفسه ولايبلغ من الكل نهمته، وقد كانت العرب فى الجاهلية تمتدح بقلة الأكل وتذم بكثرته، قال الشاعر: يكفيه حزة فلذ ان ألم بها من الشواة ويروى شربه الغمر وقالت أم زرع فى ابن أبى زرع: وتشبعه ذراع الجفرة وقال حاتم الطائى يذم كثرة الأكل: فإنك إن أعطيت بطنك سؤله وفرجك نالا منتهى الذم أجمعا. وقد شبه الله تعالى أكل الكفار بأكل البهائم فقال تعالى:(والذين كفروا ويتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام (أى: أنهم يأكلون بالشرة والنهم كالأنعام؛ لأنهم جهال، وذلك لأن الأكل على ضربين: أكل نهمة وأكل حكمة، فأكل النهمة للشهوة فقط، وأكل الحكمة للشهوة والمصلحة.
[- باب: الأكل متكأ]
/ ٢١ - فيه: أَبُو جُحَيْفَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيّ (صلى الله عليه وسلم) : (لا آكُلُ مُتَّكِئًا) . إنما فعل ذلك والله أعلم توضعًا لله وتذللا له، وقد بين هذا أبو أيوب فى حديثه عن الزهرى:(أن النبى عليه السلام أتاه ملك لم يأتيه قبل تلك المرة ولابعدها فقال: إن ربك يخيرك بين أن تكون عبدًا نبيًا أو ملكًا نبيًا، قال فنظر إلى جبريل كالمستشير له، فأومأ إليه أن يتواضع، فقال: بل عبدًا نبيًا، فما أكل متكئاً) .