هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ الْمُؤَذِّنَ فَيُقِيمَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلاً يَؤُمُّ النَّاسَ، ثُمَّ آخُذَ شُعَلا مِنْ نَارٍ فَأُحَرِّقَ عَلَى مَنْ لا يَخْرُجُ إِلَى الصَّلاةِ بَعْدُ) . قد تقدم الكلام فى معنى هذا الحديث فى باب (الاستهام للأذان) ، فلا معنى لإعادته، وبهذا الحديث احتج من قال: إن الوعيد بالإحراق لمن تخلف عن صلاة الجماعة أريد به المنافقون؛ لذكرهم فى أول الحديث، وهذا ليس ببيِّن؛ لأنه يحتمل أن يكون عليه السلام، أخبر المؤمنين أن من شأن المنافقين ثقل الفجر والعشاء عليهم فى الجماعة، فحذر المؤمنين من التشبه بهم فى ذلك، وامتثال طريقتهم، والله أعلم، وإنما ثقلت صلاة العشاء على المنافقين للزومها فى وقت ثقيل متصل بالنوم، فأشبهت صلاة الفجر فى ذلك، وقد قال عثمان بن عفان: من شهد العشاء، فكأنما قام نصف ليلة، ومن شهد الصبح، فكأنما قام ليلة، وهو بيِّن فى ذلك.
٣١ - باب اثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ
/ ٤٧ - فيه: مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ، قال النَّبِيِّ عليه السلام:(إِذَا حَضَرَتِ الصَّلاةُ، فَأَذِّنَا وَأَقِيمَا، ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا) . اختلف العلماء فى أقل اسم الجمع، فذهب قوم إلى أن الاثنين جمع، واستدلوا بهذا الحديث، وقالوا: كل جماعة قليلة كانت أو كثيرة، فالمصلى فيها له سبع وعشرون درجة، قال إبراهيم النخعى: إذا صلى الرجل مع الرجل لهما أجر التضعيف خمس وعشرون درجة، وهما جماعة.