تستعمل تلك الرحمة المخلوقة فيهم بها سوى رحمته التى وسعت كل شىء، التى لايجوز أن تكون مخلوقة، وهى صفة من صفات ذاته تعالى لم يزل موصوفًا بها، فهى التى يرحمهم بها زائدًا على الرحمة التى جعلها لهم، وقد يجوز أن تكون الرحمة التى أمسكها عند نفسه هى التى عند ملائكته المستغفرين لمن فى الأرض؛ لأن استغفارهم لهم دليل على أن فى نفوس الملائكة رحمة على أهل الأرض، والله أعلم.
[- باب: قتل الولد خشية أن يأكل معه]
/ ٢٨ - فيه: عَبْدِاللَّهِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَىُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ؟ قَالَ:(أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا، وَهُوَ خَلَقَكَ) ، قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ:(أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ خَشْيَةَ أَنْ يَأْكُلَ مَعَكَ) ؟ الحديث. إنما جعل النبى قتل الولد خشية أن يأكل مع أبيه أعظم الذنوب بعد الشرك؛ لأن ذلك يجمع القتل وقطع الرحم ونهاية البخل وإنما ذكر البخارى هذا الحديث بإثر باب رحمة الولد وتقبيله؛ ليعلمنا أن قتل الولد خشية أن يأكل مع أبيه من أعظم الذنوب عند الله بعد الشرك به، فإذا كان كذلك فرحمته وصلته والإحساس إليه من أعظم أعمال البر بعد الإيمان.