عليها مسجدًا لم أر بذلك بأسًا، وكذلك ما كان لله لا بأس أن يستعان ببعضه على بعض، وينقل بعضه إلى بعض، فمعناه أن المقابر هى وقف من أوقاف المسلمين لدفن موتاهم لا يجوز لأحد تملكها، فإذا عفت ودثرت واستغنى عن الدفن فيها جاز صرفها إلى المسجد؛ لأن المسجد أيضًا وقف من أوقاف المسلمين لا يجوز تملكه لأحد كما لا يجوز تملك المقبرة فنقلها إذا دثرت إلى المسجد معناهما واحد فى الحكم. وقوله:(فأولئك شرار الخلق عند الله) ، فيه نهى عن اتخاذ القبور مساجد، وعن فعل التصاوير. قال المهلب: وإنما نهى عن ذلك، والله أعلم، قطعًا للذريعة ولقرب عبادتهم الأصنام واتخاذ القبور والصورة آلهة، ولذلك نهى عُمر أنسًا عن الصلاة إلى القبر، وكان له مندوحة عن استقباله وكان يمكنه الانحراف عنه يمنة أو يسرة، ولما لم يأمره بإعادة الصلاة علم أن صلاته جائزة.
٤٣ - باب الصَّلاةِ فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ
/ ٦٣ - فيه: أنس قال: (كَانَ نَّبِيُّ الله يُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ، ثُمَّ سَمِعْتُهُ بَعْدُ يَقُولُ: كَانَ يُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ، قَبْلَ أَنْ يُبْنَى الْمَسْجِدُ) . قال ابن المنذر: أجمع كل من يحفظ عنه العلم على إباحة الصلاة فى مرابض الغنم إلا الشافعى، فإنه قال: لا أكره الصلاة فى مرابض الغنم إذا كان سليمًا من أبوالها وأبعارها. وممن روينا عنه إجازة الصلاة فى مرابض الغنم: عبد الله بن عمر، وجابر بن سمرة، ودخل أبو ذر زرب غنم، فصلى فيه، وعن الزبير