بالوثوب على الخيل، وقد رأينا عاقبة وصيته فى عصرنا هذا بميلنا إلى الراحة والنعمة. قال المؤلف: فمن لزم الحرث وغلب عليه، وضيع ما هو أشرف منه، لزمه الذل كما قال عليه السلام، ويلزمه الجفاء فى خلقه لمخالطته من هو كذلك، وقد جاء فى الحديث (من لزم البادية جفا) وقد أخبرنا عليه السلام بما يقوى هذا المعنى فقال: (السكينة فى أهل الغنم، والخيلاء فى أصحاب الخيل، والقسوة فى الفذاذين أهل الوبر) ، فكأنه قال: والذل فى أهل الحرث، أى: من شأن ملازمة هذه المهن توليد ما ذكر من هذه الصفات ومن الذل الذى يلزم من اشتغل بالحرث ما ينوبه من المؤنة بخراج الأرضين. وفيه: علامة النبوة، وذلك أنه عليه السلام علم أن من يأتى فى آخر الزمان من الولاة يجورون فى أخذ الصدقات والعشور، ويأخذون فى ذلك أكثر مما يجب لهم، لأنه لا ذل لمن أخذ منه الحق الذى عليه، وإنما يصح الذل بالتعدى وترك الحق فى الأخذ.