وقوله:(فاصبروا) معناه: الحض والندب؛ لأن الفرض الذى فرض الله على المسلمين عند لقاء العدو إنما هو عند المثلين، فما كان أكثر فإنما هو حض وندب والله الموفق.
٣٣ - باب التَّحْرِيضِ عَلَى الْقِتَالِ
وَقَوْلِهِ اللَّه تَعَالَى:(حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ)[الأنفال: ٦٥] . ١٦٩٤ / فيه: أَنَس، خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) إِلَى الْخَنْدَقِ، فَإِذَا الْمُهَاجِرُونَ وَالأنْصَارُ يَحْفِرُونَ فِى غَدَاةٍ بَارِدَةٍ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَبِيدٌ يَعْمَلُونَ ذَلِكَ، فَلَمَّا رَأَى مَا بِهِمْ مِنَ النَّصَبِ وَالْجُوعِ، قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الآخِرَهْ فَاغْفِرْ لِلأنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ فَقَالُوا مُجِيبِينَ لَهُ: نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا عَلَى الْجِهَادِ مَا بَقِينَا أَبَدَا قال المهلب: فيه دليل أن الحفر فى سبيل الله والتحصين للديار ولسد العورة منها أجر كأجر القتال، والنفقة فيه محسوبة فى نفقات المجاهدين إلى تسعمائة ضعف. وفيه استعمال الرجز والشعر إذا كان فيه إقامة النفوس فى الحرب وإثارة الأنفة والعزة. وفيه المجاوبة بالشعر على الشعر، وليس هذا الشعر من قول النبى (صلى الله عليه وسلم) هو من قول عبد الله بن رواحة، ولو كان من لفظ النبى لم يكن بذلك شعرًا ولا ممن ينبغى له الشعر؛ لأنه قد يقع فى تضاعيف كلام العامة كلام موزون ولا يسمى ذلك شعرًا ولا من تكلم