للصغائر الجائزة عليه، وهى التى سأل الله غفرانها له بقوله:(اغفر لى ما قدمت وما أخرت) . وسأذكر هذه المسالة فى حديث الشفاعة فى باب قوله تعالى:(لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَىَّ)[ص: ٧٥] فى كتاب الاعتصام إن شاء الله تعالى؛ لأن الحديث يقتضى ذلك. وفيها قول آخر يحتمل والله أعلم، أن يكون دعاؤه (صلى الله عليه وسلم) ليغفر الله له ذنبه على وجه ملازمة الخضوع لله تعالى، واستصحاب حال العبودية والاعتراف بالتقصير شكرًا لما أولاه ربه تعالى مما لا سبيل له إلى مكافأة بعمل، فكما كان يصلى (صلى الله عليه وسلم) حتى ترم قدماه، فيقال له: قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فيقول: (أفلا أكون عبدًا شكورًا) . فكان اجتهاده فى الدعاء، والاعتراف بالذلل والتقصير، والأعواز والافتقار إلى الله تعالى شكرًا لربه، كما كان اجتهاده في الصلاة حتى ترم قدماه شكرًا لربه، إذ الدعاء لله تعالى من أعظم العبادة له، وليسُنّ ذلك لأمته (صلى الله عليه وسلم) فيستشعروا الخوف والحذر ولا يركنوا إلى الأمن، وإن كثرت أعمالهم وعبادتهم لله تعالى، وقد رأيت المحاسبى أشار إلى هذا المعنى، فقال: خوف الملائكة والأنبياء لله تعالى هو خوف إعظام لأنهم آمنون فى أنفسهم بأمان الله لهم، فخوفهم تعبد لله إجلالاً وإعظامًا.