(الحياء لا يأتى إلا بخير) ولقوله للذى كان يقول صاحبه إنك تستحى حتى أضر بك الحياء: (دعه فإن الحياء من الإيمان) فدلت هذه الآثار أن الحياء ليس بضار فى حالة من الأحوال ولا بمذموم.
[٧٥ - باب: إذا لم تستحى فاصنع ما شئت]
/ ١٢٧ - فيه: أَبُو مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِى (صلى الله عليه وسلم) : (إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلامِ النُّبُوَّةِ الأولَى: إِذَا لَمْ تَسْتَحْىِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ) . قال الخطابى: قوله: (إن مما أدرك الناس من كلام النبوة) يريد أن الحياء لم يزل مستحسنًا فى شرائع الأنبياء الأولين، وأنه لم ينسخ فى جملة مانسخ من شرائعهم. قال المؤلف: قوله: (فاصنع ما شئت) فيه وجهان: أحدهما: أن يكون خرج بلفظ الأمر على معنى الوعيد والتهدد لمن ترك الحياء كما قال تعالى: (اعملوا ما شئتم) ولم يطلقهم تعالى على الكفر وفعل المعاصى، بل توعدهم بهذا اللفظ؛ لأنه تعالى قد بين لهم مايأتون ومايتركون، وكقوله:(من باع الخمر فليشقص الخنازير) فلم يكن فى هذا إباحة تشقيص الخنازير، إذا الخمر محرم شربها محظور بيعها. والوجه الثانى: أن يكون معناه: اصنع ماشئت من أمر لا تستحى منه تفعله، والتأويل الأول أولى وهو الشائع فى لسان العرب، ولم يقل أحد فى تأويل الآية المذكورة غيره.