مسته النار لا تنقله عن حاله ولا تغير حكمه، ويكون حكمه بعد مسيس النار كحكمه قبل ذلك، قياسًا ونظرًا. وفرق أحمد بن حنبل وإسحاق بين أكل لحوم الإبل وغيرها، فقالا: إن أكل لحوم الإبل نيئًا أو مطبوخًا فعليه الوضوء. واحتج أحمد بما رواه سفيان، عن سماك، عن جعفر بن أبى ثور، عن جابر بن سمرة، قال: سئل النبى (صلى الله عليه وسلم) أنتوضأ من لحوم الإبل؟ فقال: تمت نعم - فقيل: أفنتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: تمت لا -. وهذا لو صح، لكان منسوخًا بما ذكرنا أن آخر الأمرين ترك الوضوء مما مست النار. وقد يحتمل أن يكون الوضوء محمولا على الاستحباب والنظافة لشهوكة الإبل لا على الإيجاب، لأن تناول الأشياء النجسة مثل الميتة والدم ولحم الخنزير لا ينقص الوضوء فلأن لا توجبه الأشياء الطاهرة أولى.
٤٦ - باب مَنْ مَضْمَضَ مِنَ السَّوِيقِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ