وقال أبو ذر: وددت أن الله خلقنى شجرة تقضم. ومرت عائشة بشجرة فقالت: يا ليتنى كنت ورقة من هذه الشجرة. وقال أبو عبيدة: وددت أنى كبش فيذبحنى أهلى فيأكلون لحمى ويحسون مرقى. وإنما حملهم على ذلك شدة الخوف من مسائلة الله والعرض عليه، وعلى قدر العلم بالله يكون الخشية منه، ولذلك قال الفضيل: من مقت نفسه فى الله أمنه الله من مقته.
٣ - باب قَوْلِ النَّبِىِّ (صلى الله عليه وسلم) : (لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِى مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ الْهَدْىَ، وَلَحَلَلْتُ مَعَ النَّاسِ حِينَ حَلُّوا
وذكره من حديث جابر أيضًا. قوله: (لو استقبلت من أمرى ما استدبرت) أى لو علمت أن أصحابى يأتون من العمرة فى أشهر الحج ما أحرمت بالحج مفردًا، ولأحرمت بالعمرة فلو أحرمت بالعمرة لم يكرهها أحد منهم، وللانت نفوسهم لفعلى لها واختيارى فى نفسى، فكرهوها حين أمرهم بها؛ لكونهم على خلاف فعل نبيهم؛ مع أنهم كانوا فى الجاهلية يكرهون العمرة فى أشهر الحج فتمنى (صلى الله عليه وسلم) موافقة أصحابه وكره ما ظهر منهم من الإشفاق لمخالفتهم له، ففى هذا من الفقه أن الإمام والعالم ينبغى له أن يسلك سبيل الجمهور وألا يخالف الناس فى سيرته وطريقته.