أم لا، لا ضمان عليه فيما أصابه إلا أن يستعمله فى غرر كثير؛ لأنه لم يؤذن له فى الغرر. قال سحنون: وهذه الرواية أحسن من قول ابن القاسم وغيره. فإن قيل: فما وجه قوله: (ما قال لى لشىء لم أصنعه لِمَ لَمْ تصنع هذا هكذا) . وظاهره أنه تكرير يدخل فى القسم الأول. قيل: إنما أراد أنه لم يلمه فى القسم الأول على شىء فعله، وإن كان ناقصًا عن إرادته، ولا لامه فى القسم الآخر على شىء ترك فعله خشية الخطأ فيه، فتركه أنس من أجل ذلك، فلم يلمه النبى (صلى الله عليه وسلم) على تركه إذ كان يتجوزه منه لو فعله، وإن كان ناقصًا عن إرادته، وإلى هذا أشار بقوله هذا (هكذا) لأنه كما تجوز عنه ما فعله ناقصًا عن إرادته كذلك كان يتجوز عنه ما لم يفعله خشية مواقعة الخطأ فيه لو فعله ناقصًا لشرف خُلقه وحلمه (صلى الله عليه وسلم) .
- باب الْمَعْدِنُ جُبَارٌ، وَالْبِئْرُ جُبَارٌ
/ ٤٤ - فيه: أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النبى (صلى الله عليه وسلم) قَالَ: (الْعَجْمَاءُ جَرْحُهَا جُبَارٌ، وَالْبِئْرُ جُبَارٌ، وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ، وَفِى الرِّكَازِ الْخُمُسُ) . قال أبو عبيد: قوله (صلى الله عليه وسلم) : (البئر جبار) هى البئر العادية القديمة التى لا يعلم لها حافر ولا مالك تكون فى البوادى يقع فيها إنسان أو دابة، فلذلك هدر، وإذا حفرها فى ملكه أو حيث يجوز حفرها فيه؛ لأنه صنع من ذلك ما يجوز له فعله، قال مالك: والذى يجوز له من ذلك البئر يحفرها للمطر، والدابة ينزل عنها