الرجل لحاجة الرجل فيقفها فى الطريق؛ فليس على أحد فى هذا غرم، وإنما يضمن إذا فعل من ذلك ما لا يجوز له أن يصنعه على طريق المسلمين، فما أصابت من جرحٍ أو غيره، وكان عقله دون ثلث الدية فهو فى ماله، وما بلغ الثلث فصاعدًا فهو على العاقلة، وبهذا كله قال الشافعى وأبو ثور. وخالف ذلك أبو حنيفة وأصحابه فقالوا: من حفر بئرًا فى موضع يجوز له ذلك فيه أو أوقف دابة فليس ببئره من الضمان ما جاز إحداثه له كراكب الدابة يضمن ما عطب بها، وإن كان له أن يركبها أو يسير عليها، وهذا خلاف للحديث، ولا قياس مع النصوص. وقال أبو عبيد: أما قوله: (المعدن جبار) فإنها هذه المعادن التى يستخرج منها الذهب والفضة، فيجئ قوم يحفرونها بشىء مسمى لهم فربما انهارت عليهم المعدن فقتلتهم فنقول: دماؤهم هدر، ولا خلاف فى ذلك بين العلماء. واختلف مالك والليث فى رجل حفر بئرًا فى داره للسارق، أو وضع حبالات أو شيئًا يقتله به فعطب به السارق أو غيره فهو ضامن. وقال الليث: لا ضمان عليه. والحجة لمالك أنه لا يجوز له أن يقصد بفعل ذلك ليهلك به أحدًا لأنه متعد بهذا القصد، وقد يمكنه التحرز بغير ذلك، فإن حفر الحفير فى حائطه للسباع فعطب به إنسان فلا ضمان عليه؛ لأنه فعل ما له فعله، ولا غنى به عنه، ولم يقصد بالحفر تلف إنسان فيكون متعديًا، وقد روى معمر، عن همام بن منبه، عن أبى هريرة: أن النبى (صلى الله عليه وسلم) قال: (البار جبار) .