للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأمته البعد من مواضع التهم، وقد تقدم فى باب رأى القاضى أن يقضى بعلمه قبل هذا. وقد رد بعض الناس حجة أهل العراق بحديث ماعز وأبى قتادة فقال: ليس فيهما أن النبى (صلى الله عليه وسلم) قضى بعلمه؛ لأن ماعزًا إنما كان إقراره عند النبى (صلى الله عليه وسلم) بحضرة الصحابة؛ إذ معلوم أنه كان لا يقعد (صلى الله عليه وسلم) وحده، وقصة ماعز مشهورة رواها عن النبى (صلى الله عليه وسلم) أبو هريرة وابن عباس وجابر وجماعة، فلم يحتج النبى (صلى الله عليه وسلم) أن يشهدهم على إقراره بالزنا لسماعهم ذلك منه، وكذلك حديث أبى قتادة، والصحيح فيه رواية عبد الله بن صالح عن الليث: (فقام النبى (صلى الله عليه وسلم) فأداه إلى من له بينة) ورواية قتيبة عن الليث: (فعلم النبى (صلى الله عليه وسلم)) وهم منه، فيشبه أن تتصحف: (فعلم النبى (صلى الله عليه وسلم)) مع قوله: (فقام) فلم يقض فيه بعلمه، ويدل على ذلك أن منادى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إنما نادى يوم حنين: (من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه) فشرط أخذ السلب لمن أقام البينة، وأول القصة لا يخالف آخرها، وشهادة الرجل الذى كان عنده سلب قتيل أبى قتادة شهادة قاطعة لأبى قتادة، لو لم تكن فى مغنم، وكان من الحقوق التى ليس للنبى أن يعطى منها أحدًا إلا باستحقاق البينة، والمغانم مخالفة لذلك؛ لأن النبى (صلى الله عليه وسلم) له أن يعطى منها من شاء ويمنع منها من شاء؛ لقوله تعالى: (وما آتاكم الرسول فخذوه) [الحشر: ٧] فلا حجة فيه لأهل العراق.

- باب أَمْرِ الْوَالِى إِذَا وَجَّهَ أَمِيرَيْنِ إِلَى مَوْضِعٍ أَنْ يَتَطَاوَعَا وَلا يَتَعَاصَيَا

/ ٣١ - فيه: أَبُو مُوسَى: أَنَّ النَّبِىُّ (صلى الله عليه وسلم) بَعَثَه وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِلَى الْيَمَنِ، فَقَالَ: يَسِّرَا وَلا تُعَسِّرَا، وَبَشِّرَا وَلا تُنَفِّرَا، وَتَطَاوَعَا. . . الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>