واحتج الكوفيون وقالوا: النظر أن يكون فى (إذا السماء انشقت) ، سجود؛ لأن قوله تعالى:(فما لهم لا يؤمنون وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون)[الأنشقاق: ٢٠، ٢١] ، إخبار لا أمر، وسجود التلاوة إنما هو فى موضع الإخبار، وموضع الأمر إنما هو تعليم فلا سجود فيه، وهذا قول الطحاوى. واحتج من قال: لا سجود فى المفصل فقالوا: معنى سجود التلاوة ما كان على وجه المدح والذم، وسجدة (إذا السماء انشقت) ، خارجة عن هذا المعنى؛ لأن قوله تعالى:(فما لهم لا يؤمنون وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون)[الانشقاق: ٢٠، ٢١] ، إنما يعنى أى لا يسجدون بعد الإيمان السجود المذكور فى القرآن للصلاة، وهذا ليس بخطاب للمؤمنين؛ لأنهم يسجدون مع الإيمان سجود الصلاة، هذا قول ابن القصار. قال المهلب: وأما قول أبى سلمة لأبى هريرة: (ألم أرَك تسجد) ، يعنى: ألم أرَك تسجد فى سورة ما رأيت الناس يسجدون فيها، هكذا رواه الليث، عن ابن الهاد، عن أبى سلمة، فهذا يدل أنه لم يكن العمل عندهم على السجود فى (إذا السماء انشقت) ، كما قال مالك وأهل المدينة، فأنكر عليه سجوده فيها، ولا يجوز إنكار ما عليه العمل، فهذا يدل أنها ليست من العزائم.
٤٤ - باب مَنْ سَجَدَ لِسُجُودِ الْقَارِئِ
/ ٥١ - فيه: ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ (صلى الله عليه وسلم) ، يَقْرَأُ عَلَيْنَا السُّورَةَ فِيهَا السَّجْدَةُ فَيَسْجُدُ، وَنَسْجُدُ حَتَّى مَا يَجِدُ أَحَدُنَا مَوْضِعَ جَبْهَتِهِ. وترجم له:(باب ازدحام الناس إذا قرأ الإمام السجدة) .