أجمع فقهاء الأمصار أن التالى إذا سجد فى تلاوته لزم الجالس إليه المستمع له أن يسجد بسجوده، وقال عثمان: إنما السجدة على من سمعها. واختلفوا فى التالى إذا قرأ السجدة ولم يسجد فيها هل يسجد المستمع لقراءته أم لا؟ ، فقال ابن القاسم فى (المدونة) : على الذين جلسوا إليه أن يسجدوا وإن لم يسجد، وذكر ابن المنذر مثله عن الشافعى قال: إن أحب المستمع أن يسجد فليسجد. وقال ابن حبيب: لم أرَ أحدًا قال بقول ابن القاسم فى ذلك، وسمعت مطرفًا، وابن الماجشون، وابن عبد الحكم، وأصبغ يقولون: لا يسجدوا؛ لأنه إمامهم، قال: وهو الصواب؛ لأن القارئ لو كان فى صلاة ولم يسجد لم يسجد من معه، فكذلك هذا. وفى المدونة: كره مالك أن يجلس قوم إلى قارئ يستمعون قراءته؛ ليسجدوا معه إذا سجد، وأنكر ذلك إنكارًا شديدًا، قال: وأرى أن يقام وينهى ولا يجلس إليه. وقال ابن شعبان: قال مالك: فإن لم ينته وقرأ لهم فمرّ بسجدة لم يسجد ولم يسجدوا، وقد قال مالك أيضًا: أرى أن يسجدوا معه. قال المهلب: وقوله: (فيسجد ونسجد معه حتى ما يجد أحدنا موضع جبهته) ، فيه الحرص على فعل الخير والتسابق إليه، وفيه لزوم متابعة أفعال النبى (صلى الله عليه وسلم) على كمالها، ويحتمل أن يكون سجدوا عند ارتفاع الناس وباشروا الأرض، ويحتمل أن يسجد ببلوغ طاقتهم من الإيماء فى ذلك، والله أعلم.