- باب نِسْيَانِ الْقُرْآنِ وَهَلْ يَقُولُ نَسِيتُ آيَةَ كَذَا وَكَذَا؟ وَقَوْلِ اللَّهِ عز وجل:(سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى)[الأعلى: ٦]
/ ٥١ - فيه: عَائِشَةَ، سَمِعَ النَّبِىُّ (صلى الله عليه وسلم) رَجُلا يَقْرَأُ فِى الْمَسْجِدِ، فَقَالَ:(يَرْحَمُهُ اللَّهُ، لَقَدْ أَذْكَرَنِى كَذَا وَكَذَا آيَةً مِنْ سُورَةِ كَذَا) . / ٥٢ - وفيه: عَبْدِاللَّهِ، قَالَ النَّبِىُّ (صلى الله عليه وسلم) : (مَا لأحَدِهِمْ، يَقُولُ: نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ، بَلْ هُوَ نُسِّىَ) . قال المؤلف: قد نطق القرآن بإضافة النسيان إلى العبد فى قوله تعالى: (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى)[الأعلى: ٦] وشهد ذلك بصدق حديث عائشة أنه (صلى الله عليه وسلم) قال: (يرحمه الله، لقد أذكرنى كذا وكذا آية أسقطتهن من سورة كذا) . فأضاف الإسقاط إلى نفسه، والإسقاط هو النسيان بعينه. وحديث عبد الله خلاف هذا، وهو قوله (صلى الله عليه وسلم) : (ما لأحدهم يقول: نسيت آية كيت وكيت، بل هو نسى) . فاستحب (صلى الله عليه وسلم) أن يضيف النسيان إلى خالقه الذى هو الله تعالى وقد جاء فى القرآن عن موسى (صلى الله عليه وسلم) أنه أضاف النسيان مرة إلى نفسه ومرة إلى الشيطان فقال: (فَإِنِّى نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ)[الكهف: ٦٣] . وقال النبى (صلى الله عليه وسلم) : (إنى لأنسى أو أنسى) ، يعنى إنى لأنسى أنا أو ينسينى ربى، فنسب النسيان مرة إلى نفسه، ومرة إلى الله تعالى هذا على قول من لم يجعل قوله: إنى لأنسى أو أنسى شكا من المحدث فى أى الكلمتين قال. وهو قول عيسى بن دينار، وليس فى شىء من ذلك اختلاف ولا تضاد فى المعنى، لأن لكل إضافة منها معنى صحيحًا فى كلام العرب، فمن أضاف النسيان إلى الله فلأنه خالقه وخالق الأفعال كلها، ومن نسبه إلى نفسه فلأن النسيان