قال المهلب، رحمه الله: الوسائط التى بين الحلال والحرام يحتذ بها أصلان من كل الطرفين، فأيهما قام الدليل عليه أضيفت الوسيطة إليه، وقد يقوم دليلان من الطرفين فيقع الاشتباه، ويعسر الترجيح، فهذه الذى من اتَّقَاها استبرأ لعرضه ودينه كما قال (صلى الله عليه وسلم) ، وهى حمى الله الذى حماه ليبعد عن محارمه، ولئلا يُتَذرع إليها فَتُواقع. وهذا الحديث أصلٌ فى القول بحماية الذرائع، وفيه دليل أن من لم يتق الشبهات المختلف فيها وانتهك حرمتها فقد أوجد السبيل إلى عرضه ودينه، وأنه يمكن أن يُنال من عرضه بذلك فى حديث رواه، أو شهادة يشهد بها، لقوله (صلى الله عليه وسلم) : تمت فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لعرضه ودينه -. وفيه: أن الراسخين فى العلم يمكن أن يعلموا بعض هذه الشبهات لقوله: تمت لا يعلمها كثير من الناس - فدل أنه يعلمها قليل منهم، كما قال تعالى:(لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ)[النساء: ٨٣] ، وسأتقصى فى الكلام على هذا الحديث فى أول كتاب البيوع، إن شاء الله. وفيه: أن العقل والفهم إنما هو فى القلب وموطنه، وما فى الرأس منه إنما هو عن القلب ومنه سببه.
٣٥ - باب أَدَاءِ الْخُمُسِ مِنَ الإيمَانِ
/ ٤٣ - وفيه: ابْنِ عَبَّاسٍ، إِنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ لَمَّا أَتَوُا النَّبِىَّ (صلى الله عليه وسلم) قَالَ: تمت مَنِ