وقوله (صلى الله عليه وسلم) : (لا تشترط المرأة طلاق اختها) حجة لمن أجاز الشروط المكروهة؛ لأنه لو لم تكن هذه الشروط عاملة إذا وقعت لم يكن لنهيه عن اشتراط المرأة طلاق أختها معنى، ولكان اشتراطها ذلك كلا اشتراط، فكذلك ما شابه ذلك من الشروط، وإن كانت مكروهة فهى لازمة؛ لقوله (صلى الله عليه وسلم) : (أحق الشروط أن يوفى بها ما استحللتم به الفروج) .
- باب الشُّرُوطِ مَعَ النَّاسِ بِالْقَوْلِ
/ ١٤ - فيه ابْنِ عَبَّاس، عَنْ أُبَىُّ، قَالَ: قَالَ النبى (صلى الله عليه وسلم) : مُوسَى رَسُولُ اللَّهِ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ:(قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِىَ صَبْرًا)[البقرة: ٣٣] كَانَتِ الأولَى نِسْيَانًا، وَالْوُسْطَى شَرْطًا، وَالثَّالِثَةُ عَمْدًا. وإنما أراد البخارى بهذا الباب والله أعلم ليدل على أن ما يقع بين الناس فى محاوراتهم مما يكثر بينهم، فإن الشرط بالقول يغنى فى ذلك عن الشرط بالكتاب والإشهاد عليه، ألا ترى أن موسى (صلى الله عليه وسلم) لم يشهد أحدًا على نفسه حين قال للخضر: (ستجدنى إن شاء الله صابرًا ولا أعصى لك أمرًا)[الكهف: ٦٩] وكذلك الخضر حين شرط على موسى ألا يسأله عن شىء حتى يحدث له منه ذكرًا؛ لم يكتب بذلك كتابًا ولا أشهد شهودًا، وإنما يجب الإشهاد والكتاب فى الشروط التى يعم المسلمين نفعها ويخاف أن يكون فى انتقاضها والرجوع فيها خرم وفساد، وكذلك ما كان فى معناها مما يخص بعض الناس، واحتيج فيها إلى الكتاب والإشهاد خوف ذلك، ألا ترى أن