فسلاها عن حزنها عليه بكرامة الله له، ولم يقل لها أنه يعذب ببكائك عليه. قال عبد الواحد: إن قيل: كيف أباح عمر لنسوة خالد البكاء عليه ما لم يكن نقع، أو لقلقة، ونهى صُهيبًا عن البكاء عليه فى الباب الذى قبل هذا؟ فالجواب: إنما نهى صهيبًا، لرفعه لصوته بقوله: وا أخاه، وا صاحباه، وخشى أن يكون رفعه لصوته من باب ما نهى عنه.
- بَاب لَيْسَ مِنَّا مَنْ شَقَّ الْجُيُوبَ
/ ٣٨ - فيه: عَنْ عَبْدِاللَّهِ، قَالَ (صلى الله عليه وسلم) : (لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَطَمَ الْخُدُودَ، وَشَقَّ الْجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ) . وترجم له باب (ليس منا من ضرب الخدود) ، وباب (ما ينهى عنه من الويل ودعوى الجاهلية) . قال المهلب: قوله: (ليس منا) أى ليس متأسيًا بسنتنا، ولا مقتديًا بنا، ولا ممتثلاً لطريقتنا التى نحن عليها، كما قال (صلى الله عليه وسلم) : (ليس منا من غشنا) لأن لطم الخدود وشق الجيوب من أفعال الجاهلية. وقال الحسن فى قوله تعالى:(ولا يعصينك فى معروف)[الممتحنة: ١٢] ، قال: لا ينحن، ولا يشققن، ولا يخمشن، ولا ينشرن شعرًا، ولا يدعون ويلاً. وقد نسخ الله ذلك بشريعة الإسلام، وأمر بالاقتصاد فى الحزن والفرح، وترك الغلو فى ذلك، وحَضَّ على الصبر عند المصائب واحتساب أجرها على الله، وتفويض الأمور كلها