للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لولا المخوف الذى هرب منه، أو المطموع الذى حرص عليه حتى طابت نفسه بما لم تكن تطيب قبل ذلك. ونهيه (صلى الله عليه وسلم) عن النذر، وهو من أعمال الخير أبلغ زاجر عن توهم العبد أنه يدفع عن نفسه ضرًا أو يجلب إليها نفعًا، أو يختار لها ما يشاء، ومتى اعتقد ذلك فقد جعل نفسه مشاركًا لله فى خلقه ومجوزًا عليه ما لم يقدره، تعالى الله عما يقولون. ودل هذا أن اعتقاد القلب لما لا يجب اعتقاده أعظم فى الإثم من أن يكفر بالصدقة والصلاة والصوم والحج، وسائر أعمال الجوارح التى ينذرها؛ لأن نهيه (صلى الله عليه وسلم) عن هذا النذر، وإن كان خيرًا ظاهرًا يدل على أنه حابط من الفعل حين توهم به الخروج عما قدره الله تعالى فإن سلم من هذا الظن واعترف أن نذره لا يرد عنه شيئًا قد قدره الله عليه وأن الله تسبب له بما أخافه به استخراج صدقة هو شحيح بمثلها، فإنه مأجور بنذره ولم يكن حيئذ نذره منهيًا عنه، ولذلك والله أعلم عرف الله نبيه بهذا الحديث ليعرف أمته بما يجب أن يعتقدوا فى النذر فلا يحبط عملهم به.

٧ - باب لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ

/ ١٥ - فيه: أَبُو مُوسَى، كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) فِى غَزَاةٍ، فَجَعَلْنَا لا نَصْعَدُ شَرَفًا، وَلا نَهْبِطُ وَاديًا، إِلا رَفَعْنَا أَصْوَاتَنَا بِالتَّكْبِيرِ، قَالَ: فَدَنَا مِنَّا النَّبِىّ (صلى الله عليه وسلم) فَقَالَ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ، ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، فَإِنَّكُمْ لا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلا غَائِبًا، إِنَّمَا تَدْعُونَ سَمِيعًا بَصِيرًا) ، ثُمَّ قَالَ: (يَا عَبْدَاللَّهِ بْنَ قَيْسٍ، أَلا أُعَلِّمُكَ كَلِمَةً هِىَ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ؟ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>