قال ابن المنذر: وفيه دليل أن الثوب إذا ضاق فتغطية رأس الميت أولى أن يبدأ به من رجليه. وقال المهلب: إنما أمره (صلى الله عليه وسلم) بتغطية الأفضل إذا أمكن ذلك بعد ستر العورة، ولو ضاق الثوب عن تغطية رأسه وعورته لغطيت بذلك عورته، وجعل على سائره من الإذخر، لأن ستر العورة واجب فى حال الموت والحياة، والنظر إليها ومباشرتها باليد تحرم إلا من أحل الله له ذلك من الزوجين. وفى هذا الحديث ما كان عليه صدر هذه الأمة من الصدق فى وصف أحوالهم، ألا ترى إلى قوله:(فمنا من لم يأكل من أجره شيئًا) ، يعنى يكسب من الدنيا شيئًا، ولا اقتناه، وقصر نفسه عن شهواتها لينالها متوفرة فى الآخرة، و (منا من أينعت له ثمرته) ، يعنى من كسب المال، ونال من عرض الدنيا. وفى هذا الحديث أن الصبر على مكابدة الفقر وصعوبته من منازل الأبرار ودرجات الأخيار. وقوله:(يهدبها) يقال: هدبت الثمرة: جنيتها، وهدبت كل حلوبة: حلبتها بأطراف الأصابع.
- بَاب مَنِ اسْتَعَدَّ الْكَفَنَ فِى زَمَنِ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ
/ ٢٧ - فيه: سَهْل بن سعد، أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتِ النَّبِىَّ (صلى الله عليه وسلم) بِبُرْدَةٍ مَنْسُوجَةٍ فِيهَا حَاشِيَتُهَا، قَالَتْ: نَسَجْتُهَا بِيَدِى، فَجِئْتُ لأكْسُوَكَهَا، فَأَخَذَهَا النَّبِىُّ، (صلى الله عليه وسلم) ، مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، فَخَرَجَ إِلَيْنَا وَإِنَّهَا إِزَارُهُ، فَحَسَّنَهَا فُلانٌ، فَقَالَ: اكْسُنِيهَا، مَا أَحْسَنَهَا، قَالَ الْقَوْمُ: مَا أَحْسَنْتَ، لَبِسَهَا النَّبِىُّ، - عليه