وليسوا بمرتدين لفسادهم فى الأرض، كذلك يحل قتل المحاربين وإن لم يكونوا قتلوا ولا ارتدوا لفسادهم فى الأرض. واختلف فى صفة نفى المحارب، فعند مالك أنه ينفيه إلى غير بلده ويحبسه فيه حتى يظهر توبته، وقال أبو حنيفة: نفيهم من الأرض هو أن يحبسوا فى بلدهم. وقال الشافعى: نفيهم هو إذا هربوا بعث الإمام خلفهم وطلبهم ليأخذهم ويقيم عليهم الحد. قال ابن القصار: والنفى بعينه أشبه بظاهر القرآن لقوله تعالى: (أو ينفوا من الأرض)[المائدة: ٣٣] وهذا يقتضى أن ينفيهم الإمام كما يقتلهم أو يصلبهم، وما قاله أبو حنيفة من الحبس فى بلدهم فالنفى ضد الحبس وليس يعقل من النفى حبس الإنسان فى بلده، وإنما يعقل منه إخراجه من وطنه وهو أبلغ فى ردعه ثم يحبس فى المكان الذى يخرج إليه حتى يظهر توبته، هذا حقيقة النفى، وهو أشد فى الردع والزجر وقد قرن الله مفارقة الوطن بالقتل فقال:(ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم)[النساء: ٦٦] الآية.
- باب لَمْ يَحْسِمِ النَّبِىُّ (صلى الله عليه وسلم) الْمُحَارِبِينَ مِنْ أَهْلِ الرِّدَّةِ حَتَّى هَلَكُوا
/ ٢ - فيه: أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِىَّ (صلى الله عليه وسلم) قَطَعَ الْعُرَنِيِّينَ، وَلَمْ يَحْسِمْهُمْ حَتَّى مَاتُوا. إنما لم يحسم النبى (صلى الله عليه وسلم) العرنيين والله أعلم لأن قتلهم كان واجبًا بالردة، فمحال أن يحسم يد من يطلب نفسه وأما