وهذا يدل على أن المراعاة فى انتقال الصفقات فى الشفعة وانتقاضها بالاستحقاق والعيوب وما نقد البائع فى الوجهين جميعًا، وأن الشفعة فى ذلك كالاستحقاق وهذا هو الصواب. وأما قول البخارى عن أبى حنيفة فإن استحقت الدار رجع المشترى على البائع بما دفع إليه، فهذا من أبى حنيفة يدل على أنه قصد الحيلة فى الشفعة؛ لأن الأمة مجمعة وأبو حنيفة معهم على أن البائع لا يرد فى الاستحقاق والرد بالعيب إلا ما قبض. فكذلك الشفيع لا يشفع إلا ما نقد المشترى وما قبضه منه البائع لا بما عقد. وأما قول أبى حنيفة: لأن البيع حين استحقه انتقض صرف الدينار فلا يفهم؛ لأن الاستحقاق والرد بالعيب يوجب نقض الصفقة كلها فلا معنى لذكره الدينار دون غيره. وقال المهلب: وجه إدخال البخارى قوله (صلى الله عليه وسلم) : (الجار أحق بصقبه) فى هذه المسألة، وهو لما كان الجار أحق بالبيع وجب أن يكون أحق أن يرفق به فى الثمن حتى لا يغبن فى شىء، ولا يدخله عروض بأكثر من قيمتها ألا ترى أن أبا رافع لم يأخذ من سعد ما أعطاه غيره من الثمن ووهبه؛ لحق الجار الذى أمر الله بمراعاته وحفظه وحض النبى (صلى الله عليه وسلم) على ذلك. وقوله (صلى الله عليه وسلم) : (لا داء ولا خبثة ولا غائلة) دليل على أنه لا احتيال فى شىء من بيوع المسلمين من صرف دينار بأكثر من قيمته ولا غيره.