يحدث على عباده من نعمه، فقد رضى من عباده بالإقرار له بالوحدانية، والخضوع له بالربوبية، والحمد والشكر عوضًا مما وهبهم من نعمه تفضلا عليهم ورحمة لهم. وفى هذا الحديث بيان أن نهيه عليه السلام عن السجع فى الدعاء أنه على غير التحريم؛ لوجود السجع فى دعائه ودعاء أصحابه، فيحمل أن يكون نهيه عن السجع يتوجه إلى حسن الدعاء خاصة، خشية أن يشتغل الداعى بطلب الألفاظ وتعديل الأقسام عن إخلاص النية وإفراغ القلب فى الدعاء والاجتهاد فيه، وسأزيد فى بيان هذا المعنى فى باب: ما يكره من السجع فى الدعاء. فى كتاب الدعاء إن شاء الله.
٩ - باب اسْتِقْبَالِ الْحَاجِّ الْقَادِمِينَ وَالثَّلاثَةِ عَلَى الدَّابَّةِ
/ ٢٢٠ - فيه: ابْن عَبَّاس، لَمَّا قَدِمَ النَّبِىُّ، عليه السَّلام، مَكَّةَ اسْتَقْبَلَتْهُ أُغَيْلِمَةُ بَنِى عَبْدِالْمُطَّلِبِ، فَحَمَلَ وَاحِدًا بَيْنَ يَدَيْهِ وَآخَرَ خَلْفَهُ. فيه من الفقه: جواز تلقى القادمين منالحج تكرمة لهم وتعظيمًا؛ لأن النبى (صلى الله عليه وسلم) لم ينكر تلقيهم له، بل سُرَّ به لحمله لهم بين يديه وخلفه، ويدخل فى معنى ذلك من قدم منالجهاد أو من سفر فيه طاعة لله، فلا بأس بالخروج إليه وتلقيه، تأنسًا له وصلةً. قال المهلب: وفيه رد قول من يقول: لا يجوز ركوب ثلاثة على دابة، وإنما أصل هذا ألا يكلف الدابة حمل ما لا تطيق، أو ما تطيقه بمشقة ظاهرة، فإذا أطاقت حمل ثلاثة وأربعة جاز ركوبها. وسيأتى اختلاف العلماء فى ركوب الثلاثة على الدابة فى آخر كتاب الزينة، فإنه ترجم لهذا الحديث باب: الثلاثة على الدابة.