عباس وأبو هريرة والمسور، ثم تلاهم التابعون فلم يوجبوا على من أقدم عليها الكفارة. قال: وأما قولهم: إذا قال أنا يهودى فقد عظم الإسلام وأراد الامتناع من الفعل، فالجواب أنهم يقولون: لو قال: وحق القرآن وحق المصحف ثم حنث أنه لا كفارة عليه، وفى هذا من التعظيم لله وللإسلام ما ليس لما ذكروه، فسقط قولهم، وأيضًا فإنه إذا قال: هو يهودى، أو كفر بالله، فليس من طريق التعظيم، وإنما هو من الجرأة والإقدام على المحرمات، كالغموس وسائر الكبائر، وهى أعظم من أن يكون فيها كفارة.
/ ٢٨ - فيه: أَبُو هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ، عليه السَّلام، يَقُولُ:(إِنَّ ثَلاثَةً فِى بَنِى إِسْرَائِيلَ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ، فَبَعَثَ مَلَكًا فَأَتَى الأبْرَصَ، فَقَالَ: تَقَطَّعَتْ بِىَ الْحِبَالُ فَلا بَلاغَ لِى إِلا بِاللَّهِ، ثُمَّ بِكَ. . .) ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. قال المهلب: إنما أراد البخارى أن يجيز (ما شاء الله ثم شئت) استدلالا بقوله عليه السلام فى حديث أبى هريرة: (ولا بلاغ لى إلا بالله ثم بك) وإنما لم يجز أن نقول: ما شاء الله وشئت؛ لأن الواو تشرك المشيئتين جميعًا، وقد روى هذا المعنى عن النبى - عليه السلام - أنه قال:(لا يقولن أحدكم: ما شاء الله وشاء فلان، ولكن ليقل: ما شاء الله ثم شاء فلان) وإنما أجاز دخول (ثم) مكان الواو؛ لأن مشيئة الله متقدمة على مشيئة خلقه، قال تعالى: (ما تشاءون إلا أن يشاء الله (.