ثقب كوة فى ظهر بيته وجعل سلمًا، فجعل يدخل منها. وقال معمر عن الزهرى: كان الأنصار إذا أهلوا بالعمرة لم يحل بينهم وبين السماء شىء يتحرجون من ذلك، وكان الرجل حين يخرج مهلا بالعمرة، فتبدو له الحاجة بعد ما يخرج من بيته فيرجع، لا يدخل من باب الحجرة من أجل سقف الباب أن يحول بينه وبين السماء، فيقتحم الجدار من ورائه، حتى بلغنا أن النبى عليه السلام أهل من الحديبة بالعمرة فدخل حجرته، فدخل رجل من الحمس من ورائه، فقال له الأنصار، فقال: أنا أحمسى. فقال: وأنا على دينك؛ لأن الحمس كانت لا تبالى ذلك؛ فأنزل الله:(وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا)[البقرة: ١٨٩] .
٥ - باب السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ
/ ٢٢٥ - فيه: أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ، عليه السَّلام:(السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ، يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَنَوْمَهُ، فَإِذَا قَضَى نَهْمَتَهُ، فَلْيُعَجِّلْ إِلَى أَهْلِهِ) . فيه: حض وندب على سرعة رجوع المسافر إلى أهله عند انقضاء حاجته، وقد بين عليه السلام المعنى فى ذلك بقوله:(يمنع أحدكم نومه وطعامه وشرابه) فامتناع هذه الثلاثة التى هى أركان الحياة مع ما ينضاف إليها من شقة السفر وتعبه، هو العذاب إلى أشار إليه، ولذلك قال عليه السلام:(فإذا قضى أحدكم نهمته فليرجع إلى أهله) لكى يتعوض من ألم ما ناله، من ذلك الراحة والدعة فى أهله، والعرب تشبه الرجل فى أهله بالأمير، وقيل فى قوله:(وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا)[المائدة: ٢٠] قال: من كان له دار وخادم فهو داخل فى معنى الآية.