يده ويد امرأته، فرجع إلى قومه، فضرب - عليه السلام - المثل لأمته لأنه تجردّ لإنذارهم، لما يصير إليه من اتبعه من كرامة الله، وبما يصير إليه من عصاه من نقمته وعذابه؛ تجرد من رأى من الحقيقة ما رأى النذير العريان الذى قطعت يده ويد امرأته حتى ضرب به المثل فى تحقيق الخبر. وقوله:(المهاجر من هجر ما نهى الله عنه) يعنى المهاجر التام الهجرة من هجر المحارم، كما قال (صلى الله عليه وسلم) أن جهاد النفس أكبر من جهاد العدو.
- بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ - عليه السلام -: (لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلا
/ ٥٩ - فيه: أَبُو هُرَيْرَةَ، وَأَنَس، عن النَّبِىّ (صلى الله عليه وسلم) قَالَ: (لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلا، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا) . قال المؤلف: روى سنيد، عن هشيم، عن كوثر بن حكيم، عن نافع، عن ابن عمر قال:(خرج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى المسجد، فإذا قوم يتحدثون ويضحكون، قال: أكثروا ذكر الموت، أما والذى نفسى بيده لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيرًا) . وخشية الله إنما تكون على مقدار العلم به، كما قال تعالى:(إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء)[فاطر: ٢٨] ، ولما لم يعلم أحد كعلم النبى (صلى الله عليه وسلم) لم يخش كخشيته، فمن نور الله قلبه وكشف الغطاء عن بصيرته، وعلم ما حباه الله من النعم، وما يجب عليه من الطاعة والشكر، وأفكر فيما يستقبل من أهوال يوم القيامة،