النصراني يتصرف بحضرته، ولا يغيب عنه فى شراء ولا بيع ولا تقاض، أو يكون المسلم هو متولى البيع والشراء. وروى ذلك عن عطاء والحسن، وبه قال الليث، والثورى، وأحمد، وإسحاق. واحتج من أجاز ذلك بمعاملة النبى (صلى الله عليه وسلم) لهم فى مساقاة خيبر، وإذا جاز مشاركتهم فى عمارة الأرض جاز فى غير ذلك، واحتج لمالك أن الذمى إذا تولى الشراء باع بحكم دينه، وأدخل فى مال المسلم ما لا يحل له، والمسلم ممنوع من أن يجعل ماله متجرًا فى الربا والخمر والخنزير، وأما أخذ أموالهم فى الجزية، فالضرورة دعت إلى ذلك، إذ لا مال لهم غيرها.
- بَاب قِسْمَةِ الْغَنَمِ وَالْعَدْلِ فِيهَا
/ ١٦ - فيه: عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، أَنَّ النّبِىّ (صلى الله عليه وسلم) أَعْطَاهُ غَنَمًا يَقْسِمُهَا عَلَى أصحابه، فَبَقِىَ عَتُودٌ، فَذَكَرَهُ للنّبِىّ (صلى الله عليه وسلم) فَقَالَ: (ضَحِّ بِهِ أَنْتَ) . هذه القسمة يجوز فيها ما لا يجوز فى القسمة التى هى تمييز الحقوق بعضها من بعض؛ لأن النبى، عَلَيْهِ السَّلام، إنما وكل عقبة على تفريق الضحايا على أصحابه، ولم يعين فيها لأحد منهم شيئًا بعينه، فيخاف أن يعطى غيره عند القسمة، فيكون ذلك ظلمًا له ونقصانًا عن حقه، فكان تفريقها موكولاً إلى اجتهاد عقبة، وكان ذلك على سبيل التطوع من النبى، عَلَيْهِ السَّلام، لا أنها كانت واجبة عليه لأصحابه، فلم يكن على عقبة حرج فى قسمتها، ولا لزمه من أحد منهم ملامة إن أعطاه دون ما أعطى صاحبه، وليس كذلك