وحجة الكوفيين قوله (صلى الله عليه وسلم) : تمت تحت كل شعرة جنابة فبلوا الشعر، وأنقوا البشرة -، وفى الأنف ما فيه من الشعر، ولا يُوصَل إلى غسل الأسنان والشفتين إلا بالمضمضة، وقد قال (صلى الله عليه وسلم) : تمت العينان تزنيان والفم يزنى -. وحجة من أوجبهما فى الوضوء والغسل قوله تعالى:(وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِى سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ)[النساء: ٤٣] كما قال فى الوضوء: (فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ)[المائدة: ٦] ، فما وجب فى الواحد من الغسل وجب فى الآخر، ولم يحفظ أحد عن النبى، (صلى الله عليه وسلم) ، أنه ترك ذلك فى وضوئه ولا غسله، وهو المُبَيِّن عن الله تعالى مراده. وحجة من فرق بين المضمضة والاستنشاق أن الرسول (صلى الله عليه وسلم)[فعل] المضمضة ولم يأمر بها، وفعل الاستنشاق وأمر به، وأمره أقوى من فعله.
- باب غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ، وَلا يَمْسَحُ عَلَى الْقَدَمَيْنِ
/ ٢٤ - فيه: عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: تَخَلَّفَ النَّبِىُّ، (صلى الله عليه وسلم) ، عَنَّا فِى سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا، فَأَدْرَكَنَا وَقَدْ أَرْهَقْنَا الْعَصْرَ، فَجَعَلْنَا نَتَوَضَّأُ، وَنَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: تمت وَيْلٌ لِلأعْقَابِ مِنَ النَّارِ -، مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا. هذا الحديث تفسير لقوله:(وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ)[المائدة: ٦] ، والمراد منه غسل الأرجل لا مسحها. قال الطحاوى: وقد ذهب قوم من السلف إلى خلاف هذا، وقالوا: الغرض فى الرجلين هو المسح لا الغسل وقرءوا: تمت وأرجلِكم -