والدعاء جائز من جميع الأمم، لكن ما ختم الله به من الأقدار على ضربين: منه ما قدر وقضى، وإذا دعى وتضرع إليه صرف البلاء، وضرب آخر: وهو الذى فى هذا الحديث الذى ختم بإمضائه، وقال لنبيه:(لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمْرِ شَىْءٌ)[آل عمران: ١٢٨] فى الدعاء على هؤلاء؛ لأن منهم من قد قضيت له بالتوبة، ومنهم من قد قضيت عليه بالعقاب فلابد منه لكن لانفراد الله بالمشيئة، وتعذر علم ذلك على العقول جاز الدعاء لله تعالى إذ الدعوة من أوصاف العبودية، فعلى العبد التزامها، ومن صفة العبودية الضراعة والمسكنة، ومن صفة الملك الرأفة والرحمة، ألا ترى قوله (صلى الله عليه وسلم) : (لا يقولن أحدكم: اللهم ارحمنى إن شئت، وليعزم المسألة، فإنه لا مكره له) إذ كان السائل إنما يسأل الله من حيث له أن يفعل لا من حيث له ترك الفعل، وهذا الباب وإن كان متعلقًا بباب القدر فله مدخل فى كتاب الاعتصام لدعاء النبى (صلى الله عليه وسلم) لهم إلى الإيمان الذى الاعتصام به يمنعهم القتل ويحقن الدم.