أَنْ يَبْعَثَنَا بَعَثَنَا، فَانْصَرَفَ النَّبِىّ (صلى الله عليه وسلم) ، وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيْهِ شَيْئًا، وَهُوَ مُدْبِرٌ، يَضْرِبُ فَخِذَهُ، وَيَقُولُ:(وَكَانَ الإنْسَانُ أَكْثَرَ شَىْءٍ جَدَلا)[الكهف: ٥٤] . / ٧٣ - وفيه: أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ النَّبِىّ، عليه السَّلام:(انْطَلِقُوا إِلَى يَهُودَ) ، فَخَرَجْنَا مَعَهُ حَتَّى جِئْنَا، بَيْتَ الْمِدْرَاسِ، فَنَادَاهُمْ النَّبِىُّ (صلى الله عليه وسلم) : (يَا مَعْشَرَ الْيَهُودَ، أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا) ، قالها ثلاثًا، فَقَالُوا: قَدْ بَلَّغْتَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ، فَقَالَ:(ذَلِكَ أُرِيدُ، أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا) ، قَالَهَا ثلاثًا، فَقَالَ:(اعْلَمُوا أَنَّمَا الأرْضُ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، وَأَنِّى أُرِيدُ أَنْ أُجْلِيَكُمْ مِنْ هَذِهِ الأرْضِ، فَمَنْ وَجَدَ مِنْكُمْ بِمَالِهِ شَيْئًا فَلْيَبِعْهُ، وَإِلا فَاعْلَمُوا أَنَّمَا الأرْضُ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ) . قال المهلب: الجدال موضوعه فى اللغة المدافعة، فمنه مكروه، ومنه حسن، فما كان منه تثبيتًا للحقائق وتثبيتًا للسنن والفرائض، فهو الحسن وما كان منه على معنى الاعتذار والمدافعات للحقائق فهو المذموم. وأما قول على فهو من باب المدافعة، فاحتج عليه النبى (صلى الله عليه وسلم) بقوله تعالى: (وَكَانَ الإنْسَانُ أَكْثَرَ شَىْءٍ جَدَلا)[الكهف: ٥٤] . وقال غيره: وجه هذه الآية فى كتاب الاعتصام أن النبى (صلى الله عليه وسلم) عرض على على وفاطمة الصلاة فاحتج عليه على بقوله: إنما أنفسنا بيد الله. فلم يكن له أن يدفع ما دعاه النبى إليه بقوله هذا بل كان الواجب عليه قبول ما دعاه إليه، وهذا هو نفس الاعتصام بسنته (صلى الله عليه وسلم) ؛ فلأجل تركه الاعتصام بقبول ما دعاه إليه من الصلاة قال تعالى:(وَكَانَ الإنْسَانُ أَكْثَرَ شَىْءٍ جَدَلا)[الكهف: ٥٤] ، ولا حجة لأحد فى ترك أمر الله، وأمر رسوله بمثل ما احتج به على. وأما حديث أبى هريرة، فموضع الترجمة منه أن اليهود لما بلغهم النبي (صلى الله عليه وسلم)