شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة} [النور: ٤] فناب ذكر رمى النساء عن ذكر رمى الرجال، وأجمع المسلمون أن حكم المحصنين فى القذف كحكم المحصنات قياسًا، واستدلالا، وأن من قذف حرا عفيفًا مؤمنًا عليه الحد ثمانون كمن قذف حرة مؤمنة، وجاءت الأخبار عن النبى (صلى الله عليه وسلم) بالتغليظ فى رمى المحصنات، وأن ذلك من الكبائر. قال المهلب: إنما سماها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) موبقات؛ لأن الله تعالى إذا أراد أن يأخذ عبده بها أوبقه فى نار جهنم.
[- باب: قذف العبد]
/ ٣٧ - فيه: أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ (صلى الله عليه وسلم) يَقُولُ: (مَنْ قَذَفَ مَمْلُوكَهُ وَهُوَ بَرِىءٌ مِمَّا قَالَ: جُلِدَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلا أَنْ يَكُونَ كَمَا قَالَ) . فى هذا الحديث النهى عن قذف العبيد والاستطالة عليهم بغير حق؛ لإخبار النبى (صلى الله عليه وسلم) أنه من فعل ذلك جلد يوم القيامة. وقوله:(إلا أن يكون كما قال) دليل على أنه لا إثم عليه فى رميه عبده بما فيه، وأن ذلك ليس من باب الغيبة المنهى عنها فى الأحرار. قال المهلب: والعلماء مجمعون أن الحر إذا قذف عبدًا فلا حد عليه، وحجتهم قوله (صلى الله عليه وسلم) : (من قذف مملوكه جلد يوم القيامة) فلو وجب عليه الحد فى الدنيا لذكره، كما ذكره فى الآخرة، فجعل (صلى الله عليه وسلم) العبيد غير مقارنين للأحرار فى الحرمة فى الدنيا، فإذا ارتفع ملك العبد فى الآخرة واستوى الشريف