الأثر أنه لم يكن من الرسول لمعاذ فى ذلك شىء متقدم، ولو كان منه عليه السلام فى ذلك أمر كما قال أهل المقالة الأولى، لاحتمل أن يكون فى وقت كانت الفريضة تصلى مرتين. فهذا وجه من طريق الآثار، وأما من طريق النظر، فإنا رأينا صلاة المأموم مضمنة بصلاة الإمام فى صحتها وفسادها؛ وذلك أن الإمام إذا سها وجب على من خلفه لسهوه ما يجب عليه، ولو سهوا هم ولم يسه هو لم يجب عليهم ما يجب عليه إذا سها، فلما ثبت أن المأمومين يجب عليهم حكم السهو بسهو الإمام، وينتفى عنهم حكم السهو بانتفائه عن الإمام، ثبت أن حكمهم فى صلاتهم حكم الإمام فى صلاته، وأن صلاتهم مضمنة بصلاته، وإذا كان كذلك لم يجز أن تكون صلاتهم خلاف صلاته.
٦٠ - باب مَنْ أَسْمَعَ النَّاسَ تَكْبِيرَ الإمَامِ
/ ٩٠ - فيه: عَائِشَةَ قَالَتْ: (لَمَّا مَرِضَ الرسول مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، وأمر أَبَا بَكْرٍ بالصلاة، خَرَجَ النَّبِيُّ، فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ، أراد أن يَتَأَخَّرُ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ أَنْ صَلِّ، فَتَأَخَّرَ أَبُو بَكْرٍ، وَقَعَدَ الرسول إِلَى جَنْبِهِ، وَأَبُو بَكْرٍ يُسْمِعُ النَّاسَ التَّكْبِيرَ) . إنما قام الرسول أبا بكر ليسمع الناس تكبيره، ويظهر إليهم أفعاله؛ لأنه كان ضَعُف عن إسماعهم، فأقامه لهم، ليقتدوا به فى حركاته؛ إذ كان جالسًا وهم قيام، ولم يمكنهم كلهم رؤيته. وفيه من الفقه: جواز رفع المُذكر صوته بالتكبير والتحميد فى الركوع