الرسول (صلى الله عليه وسلم) قال: (اللهم بارك لنا فى شامنا، اللهم بارك لنا فى يمننا، قالها ثلاثًا) . وهذا اعتراض غير لازم؛ لأن الأمة مجمعة أن مكة أفضل من الشام واليمن وجميع الأرض غير المدينة. فلما تقرر هذا لم يكن تكرير الدعاء للشام واليمن موجبًا لفضلهما على مكة؛ لأنه لم يقصد بالدعاء لهما التفضيل على مكة، وإنما قصد التفضيل لهما على نجد، وإنما كان يصح هذا الاعتراض لو قرن بالدعاء للشام واليمن ثلاث مرات الدعاء لمكة أقل من ذلك، وإنما فى حديث ابن عمر الشام واليمن أفضل من نجد خاصة؛ لتكريره الدعاء للشام واليمن دون نجد، فكذلك تكريره الدعاء للمدينة دون مكة، فوجب فضلها على مكة، والله أعلم. واحتج من فضل المدينة بقوله:(حركها من حبها) يريد من حبه للمدينة، قال: فقد خصها الله بفضائل كثيرة منها: أن الله اختارها دارًا لنبيه أفضل خلقه، وجعلها منزل وحيه، وحباها بقبره، ومنها نشر الله دينه وبَلَّغ شريعته، إلى ما لا يحصى من فضائلها، وتعجيل سيره (صلى الله عليه وسلم) إذا نظر إليها من أجل أن قرب الدار يجدد الشوق للأحبة والأهل، ويؤكد الحنين إلى الوطن، وفى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الأسوة الحسنة.
١ - باب كَرَاهِيَةِ الرسول (صلى الله عليه وسلم) أَنْ تُعْرَى الْمَدِينَةُ
/ ٢٩٢ - فيه: أَنَس، أَرَادَ بَنُو سَلِمَةَ أَنْ يَتَحَوَّلُوا إِلَى قُرْبِ الْمَسْجِدِ، فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) أَنْ تُعْرَى الْمَدِينَةُ، وَقَالَ:(يَا بَنِى سَلِمَةَ أَلا تَحْتَسِبُونَ آثَارَكُمْ) . إنما أراد عليه السلام ألا تعرى المدينة وأن تعمر ليعظم