قال المهلب: إنما كان النبى يحلف على تضاعيف كلامه وكثير من فتواه، متبرعًا بذلك لينسخ ما كانت الجاهلية عليه من الحلف بآبائها وآلهتها من الأصنام وغيرها، ليعرفهم ألا محلوف به إلا الله، وليتدربوا على ذلك حتى ينسوا ما كانون عليه من الحلف بغير الله. وقوله:(لا ألبسه أبدًا) أراد بذلك تأكيد الكراهية فى نفوس الناس بيمينه؛ لئلا يتوهم الناس أنه كرهه لمعنى، فإن زال ذلك المعنى لم يكن بلبسه بأس، وأكد بالحلف ألا يلبسه على جميع وجوهه. وفيه من الفقه: أنه لا بأس بالحلف على ما يحب المرء تركه، أو على ما يحب فعله من سائر الأفعال.
٧ - باب مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ سِوَى الإسْلامِ
وَقَالَ النَّبِىُّ عليه السَّلام:(مَنْ حَلَفَ بِاللاتِ وَالْعُزَّى، فَلْيَقُلْ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ) ، وَلَمْ يَنْسُبْهُ إِلَى الْكُفْرِ. / ٢٧ - وفيه: ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ: قَالَ النَّبِىُّ، عليه السَّلام:(مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ مِلَّةِ الإسْلامِ فَهُوَ كَمَا قَالَ) ، قَالَ:(وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَىْءٍ، عُذِّبَ بِهِ فِى نَارِ جَهَنَّمَ، وَلَعْنُ الْمُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ، وَمَنْ رَمَى مُؤْمِنًا بِكُفْرٍ فَهُوَ كَقَتْلِهِ) . قال المهلب: قوله: (فهو كما قال) يعنى هو كاذب فى يمينه لا كافر؛ لأنه لا يخلو أن يعتقد الملة التى حلف بها، فلا كفارة له إلا الرجوع إلى الإسلام، أو يكون معتقدًا للإسلام بعد الحنث فهو كاذب فيما قاله، بمنزلة من حلف يمين الغموس لا كفارة عليه،