ألا ترى قوله عليه السلام:(من حلف باللات والعزى فليقل: لا إله إلا الله) ، ولم ينسبه إلى الكفر. قال ابن المنذر: وفسر ابن المبارك الكفر فى هذه الأحاديث أن المراد به التغليظ وليس بالكفر، كما روى عن ابن عباس فى قوله تعالى:(ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون (أنه ليس كمن كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله، وكذلك قال عطاء: كفر دون كفر، وفسق دون فسق وظلم دون ظلم، وكما قال عليه السلام: (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر) أى كفر بما أمر به ألا يقتل بعضهم بعضًا. قال غيره: والأمة مجمعة أن من حلف باللات والعزى فلا كفارة عليه، فكذلك من حلف بملة سوى الإسلام لا فرق بينهما، ومعنى الحديث عن الحلف بما حلف من ذلك والزجر عنه. فإن ظن ظان أن فى هذا الحديث دليلا على إباحة الحلف بملة غير الإسلام صادقًا، لاشتراطه فى هذا الحديث أن يحلف بذلك كاذبًا. قيل له: ليس كما توهمت؛ لورود نهى رسول الله عن الحلف بغير الله نهيًا مطلقًا، فاستوى الكاذب والصادق فى النهى، وقد تقدم معنى هذا الحديث فى آخر كتاب الجنائز فى باب قاتل النفس، وستأتى زيادة فى بيانه فى كتاب الأدب فى باب من كفر أخاه بغير تأويل فهو كما قال - إن شاء الله. وقوله:(من قتل نفسه بشىء عذب به فى نار جهنم) هو على الوعيد، والله - تعالى - فيه بالخيار.