للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: (ولعن المؤمن كقتله) فيه تأويلان. قال المهلب: وهو معنى قوله الطبرى: اللعن فى اللغة هو الإبعاد. فمن لعن مؤمنًا فكأنه أخرجه من جماعة الإسلام، فأفقدهم منافعه وتكثير عددهم، فكان كمن أفقدهم منافعه بقتله، ويفسر هذا قوله للذى لعن ناقته: (انزل عنها فقد أجيبت دعوتك) فسرحها ولم ينتفع بها أحد بعد ذلك، فأفقد منافعها لما أجيبت دعوته، فكذلك يخشى أن تجاب دعوة اللاعن فيهلك الملعون. والتأويل الآخر: أن الله حرم لعن المؤمن كما حرم قتله فهما سواء فى التحريم، وهذا يقتضى تحذير لعن المؤمنين والزجر عنه؛ لأن الله - تعالى - قال: (إنما المؤمنون إخوة (فأكد حرمة الإسلام، وشبهها بإخوة النسب، وكذلك معنى قوله: (من رمى مؤمنًا بكفر فهو كقتله) يعنى فى تحريم ذلك عليه - والله أعلم. فإن قيل: هذا التأويل يعارض ما ثبت عن رسول الله أنه لعن جماعة من المؤمنين فلعن المخنثين من الرجال، ولعن شارب الخمر، ولعن فيه عشرة، ولعن المصورين، ولعن من غير تخوم الأرض، ولعن من انتمى إلى غير مواليه، ومن انتسب إلى غير أبيه، ولعن من سب والديه، وجماعة سواهم. قيل: لا تعارض فى شىء من ذلك، والمؤمن الذين حرم رسول الله لعنهم هم غير من لعنهم، فنهى عن لعن من لم يظهر الكبائر ولا استباح ركوب ما نهى الله عنه، وأمر بموالاتهم وموآخاتهم فى الله والتودد إليهم، ولعن من خالف أمره واستباح نهيه، وأمر

<<  <  ج: ص:  >  >>