واقف بعرفة فسأله رداءه، فأعطاه إياه، فذهب به ثم قال النبى:(إن المسألة لا تحل إلا من فقر مدقع أو غرم مفظع، ومن سأل الناس ليثرى به، فإنه خموش فى وجهه، ورضف يأكله من جهنم، إن قليل فقليل، وإن كثير فكثير) ، فأخبر (صلى الله عليه وسلم) فى هذا الحديث أن المسألة تحل بالفقر والغرم، ولا يختلف فى ذلك حال الزمن والصحيح. وكانت المسألة التى أباحها النبى (صلى الله عليه وسلم) ، هى للفقر لا لغيره وكان تصحيح الأخبار عندنا يوجب أن من قصد إليه النبى (صلى الله عليه وسلم) ، بقوله:(لا تحل الصدقة لذى مرة سوى) هو غير من استثناه فى هذه الأحاديث، وأن الذى تحرم عليه الصدقة من الأصحاء، هو الذى يريد أن يكثر ماله بالصدقة، حتى تصح هذه الآثار وتتفق معانيها، ولا تتضاد، وتوافق معنى الآية المحكمة، وهى قوله تعالى:(إنما الصدقات للفقراء والمساكين)[التوبة: ٦٠] الآية؛ لأن كل من وقع عليه اسم صنف من تلك الأصناف فهو من أهل الصدقة التى جعلها الله لهم فى كتابه وسنة رسوله زمنًا كان أو صحيحًا، وهذا الذى حملنا عليه وجوه هذه الآثار هو قول أبى حنيفة وأبى يوسف ومحمد. قال المؤلف: وهو قول مالك أيضًا، وروى المغيرة عنه أنه يعطى القوى البدن من الزكاة ولا يمنع لقوة بدنه، من (المجموعة) .