قال الطحاوي: ولا وجه لتفريقهم بين الحدود التى تأتى على النفس وبين التى تأتى عليها؛ لأن الحرم إن كان دخوله يؤمن عند العقوبات فى الأنفس، ويؤمن فيما دونها، وإن كان لا يؤمن من العقوبات فيما دون الأنفس فلا يؤمن منها فى الأنفس، ولم يفرق ابن عباس بين شىء من ذلك، فقوله أولى من قول أبى حنيفة وأصحابه لا سيما ولا يُعلم أحد من أصحاب النبى (صلى الله عليه وسلم) خالفه فى قوله.
٣ - باب لا يُنَفَّرُ صَيْدُ الْحَرَمِ
/ ٢٤٧ - فيه: ابْن عَبَّاس، قَالَ النَّبِيّ، عليه السَّلام:(إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَكَّةَ، فَلَمْ تَحِلَّ لأحَدٍ قَبْلِى، وَلا تَحِلُّ لأحَدٍ بَعْدِى، وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِى سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ لا يُخْتَلَى خَلاهَا، وَلا يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إِلا لِمُعَرِّفٍ) ، وَقَالَ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِلا الإذْخِرَ لِصَاغَتِنَا وَقُبُورِنَا، فَقَالَ:(إِلا الإذْخِرَ) . فَقَالَ عِكْرِمَةَ: يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، هُوَ أَنْ يُنَحِّيَهُ مِنَ الظِّلِّ يَنْزِلُ مَكَانَهُ. قال الطبرى: فيه البيان البين أن صيد الحرم حرام اصطياده، وذلك أن النبى عليه السلام إذ نهى عن تنفير صيده؛ فاصطياده أوكد فى التحريم من تنفيره. فإن قيل: أفنقول: إن نفر صيده فعليه الجزاء؟ قيل: إن أداه تنفيره سببًا إلى هلاكه لم يجب عليه شىء غير التوبة، ولا خلاف فى هذا بين الفقهاء. وقد روى عن عطاء أنه من أخذ طائرًا فى الحرم ثم أرسله قال: يطعم شيئًا لما نفره. وقد روى عن عمر بن الخطاب أنه لا شىء فى التنفير، روى شعبة عن الحكم، عن شيخ من أهل مكة أن حمامًا كان على البيت فذرق على يد عمر، فأشار عمر بيده فطار، فوقع