على بعض بيوت مكة، فجاءت حية فأكلته، فحكم عمر على نفسه بشاة، فلم ير عمر لما نفر الحمامة عليه شيئًا حتى تلفت، ورأى أن تلفها كان منسبب تنفيره، وإنما استجاز عمر تنفيره من الموضع الذى كان واقفًا عليه مع علمه أن تنفيره صيده غير جائز؛ لأنه ذرق على يده، فكان له طرده عن الموضع الذى يلحقه أذاه فى كونه فيه، وكذلك كان عطاء يقول فى معنى ذلك. قال ابن جريح: قلت لعطاء: كم فى بيضة الحمام؟ قال: نصف درهم، فقال له إنسان: بيضة وجدتها على فراشى أميطها عنه؟ قال: نعم. قال: وجدتها فى سهوة وفى مكان من البيت؟ قال: لا تمطها. فرأى عطاء إن أماط عن فراشه بيضة من بيض حمام غير حرج، ولا لازم بإماطته إياها شئ؛ لأن مِنْ تِرْكه إياها على فراشه عليه أذى، ولم ير جائزًا إماطتها عن الموضع الذى لا أذى عليه فى كونها فيه، فكذلك كان فعل عمر فى إطارته الحمامة التى ذرقت على يده من الموضع الذى كانت واقفة عليه. وقوله:(لا يختلى خلاها) يريد لا يقطع عشبها، والخلى مقصور: كل كلأ رطب؛ فإذا يبس كان حشيشًا، قال الطبرى: واتفق الفقهاء أن نهيه عليه السلام عن اختلاء خلاها، هو مما ينبت فيه مما أنبته الله ولم يكن لآدمى فيه صنع، فأما ما أنبته الآدميون فلا بأس باختلائه. واختلف السلف فى الرعى فى خلاها، هل هو داخل فى نهيه عليه السلام عن الاختلاء أم لا؟ فقال بعضهم: ذلك غير داخل فى النهى عن الاختلاء، ولا بأس بالرعى فيها. روى ذلك عن عطاء وطاوس ومجاهد وابن أبى ليلى، قالوا: لا بأس بالرعى فى الحرم إلا أنه لا يخبط.