للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مال بعض بالباطل، ولا يقتل بعضكم بعضًا، وذلك أن المؤمنين بعضهم إخوة بعض، فما أصاب أخاه من مكروه فكأنه المصاب به، ومثله قوله تعالى موبخًا لبنى إسرائيل الذين كانوا بين ظهرانى المسلمين فى قتل بعضهم بعضًا من ديارهم: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءكُمْ وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِيَارِكُمْ) [البقرة: ٨٤] فأخرج الخبر عن قتل بعضهم لبعض على وجه الخبر عن أنفسهم، وفيه البيان عن أن الله حرم من مال المسلم وعرضه نظير الذى حرم من دمه، وسوَّى بين جميعه فلا يستحل ماله، وكذلك قال ابن مسعود فى خطبته: حُرمة مال المسلم كحرمة دمه. فإن قال قائل: فإنك تستحل سفك دماء أقوام من المسلمين وأنت لأموالهم محرم، وذلك كقطاع الطريق والخوارج ومن يجب قتله بحدٍّ لزمه. قيل: أما هؤلاء فإنما لزم الإمام سفك دمائهم إقامة لِحدِّ الله الذى وجب عليهم، وليس ذلك استحلالا لزمه من الوجه الذى سوَّى الله بينه وبين ماله وعرضِه فى الحرمة، وإنما ذلك عقوبة لجرمه دون ماله، كما أمر بعقوبة آخر فى ماله دون بدنه، وليس إلزامه الدية استحلالا لماله من الوجه الذى سوَّى بينه وبين دمه وماله، وإنما الوجه الذى سَوّى بين حُرمة جميع ذلك فى ألا يتناول شيئًا منه بغير حق، فحرام أن يُغتابَ أحدٌ بسوءٍ بغير حق، وكذلك مَالُهُ؛ أخذُ شىء منه حرام بغير حق كتحريم دمه. وأما قوله عليه السلام: (لا ترجعوا بعدى كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض) فإنه قد تقدم منه عليه السلام إلى أمته بالثبوت على الإسلام، وتحريم بعضهم من بعض على نفسه سفك دمه، ما أقاموا

<<  <  ج: ص:  >  >>