السلام ذكر فيها أمورًا لا يصلح لأحد بعده ذكرها، والخطبة إنما هى لتعليم الحج، ولم ينقل أحد عنهم أنه علمهم يوم النحر شيئًا من سنن الحج، فعلمنا أن خطبة يوم النحر لم تكن للحج، وإنما كانت لما سواه. قال ابن القصار: وقوله: يحتاج أن يعلمهم النحر، فقد تقدم تعليمهم فى خطبته يوم عرفة، وأعلمهم ما عليهم فيه وبعده، وخطب ثانى النحر فأعلمهم ما بقى عليهم فى يومه وغده، وأن التعجيل يجوز فيه، وكذلك خطب قبل يوم التروية بيوم وهو بمكة، فكانت خطبه ثلاثًا، كل خطبة ليومين، وأما قول الشافعى أنه يخطب ثالث يوم النحر، مع اجتماعهم بأنها خطبة يأمر الإمام الناس فيها بالتعجيل إن شاءوا، ولما كان لم يختلفوا فيه أن الخطبة التى يأمر الإمام الناس فيها بالخروج إلى منى قبل الخروج إليها، كان كذلك الخطبة التى يأمرهم فيها بالتعجيل فى يومين قبل ذلك أيضًا. قال ابن الموّاز: الخطبة الأولى قبل التروية بيوم فى المسجد الحرام بعد الظهر لا يجلس فيها، والثانية بعرفة يجلس فى وسطها، والثالثة بمنى أول يومٍ من أيام التشريق، وهى بعد الظهر لا يجلس فيها، وهى كلها تعليم المناسك، ولا يجهر بالقراءة فى شىء من صلاتها. وقال الطبرى: معنى قوله عليه السلام: (إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام) يريد أن دماء بعضكم وأمواله وأعراضه حرام على البعض الآخر، فأخرج الخبر عن تحريم ذلك على وجه الخطاب لهم؛ إذ كانوا أهل ملة واحدة، وكان جميعهم فيما لبعضهم على بعض من الحق فى معنى الواحد فيما لنفسه وعليه، وذلك نظير قوله تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ)[النساء: ٢٩] والمعنى: لا يأكل بعضكم