للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليها لم تكن من أهل الاختيار لنفسها، فجعل لها ذلك حين صارت أكمل حرمة من زوجها. قال المهلب: وأصل هذا فى كتاب الله، وهو قوله: (ومن لم يستطع منكم طولاً) [النساء: ٢٥] الآية. فكان اشتراط الله تعالى فى جواز نكاح الأحرار الإماء عدم الطول إلى الحرة، وجب مثله فى العبد أن لا يتطاول إلى حرة بعد أن وجدت سبيلاً إلى حر إلا برضاها. واختلفوا فى وقت خيار الأمة إذا أعتقت، فروى عن ابن عمر وأخته حفصة أن لها الخيار ما لم يمسها زوجها، وهو قول مالك، وأحمد بن حنبل، علمت أو لم تعلم. وقالت طائفة: لها الخيار، وإن أصيبت ما لم تعلم، فإذا علمت ثم أصابها، فلا خيار لها، هذا قول عطاء، والحكم، وسعيد بن المسيب، وهو قول الثورى. قال الثورى: هو أن تحلف ما وقع عليها وهى تعلم أن لها الخيار، فإن حلفت خيرت، وكذلك قال الأوزاعى، وإسحاق، وقال الشافعى: إن ادعت الجهالة لها الخيار، وهو أحب إلينا. وفى هذا الحديث ما يبطل أن يكون خيارها على المجلس؛ لأن مشيها فى المدينة لم يبطل خيارها، وقد روى قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: والله لكأنى أنظر إلى زوج بريرة فى طرق المدينة، وإن دموعه لتنحدر على لحيته يتبعها يترضاها لتختاره، فلم تفعل. ومثل هذا فى حديث زبراء، أنها كانت تحت عبد فعتقت، فسألت حفصة أم المؤمنين، فقالت: إن أمرك بيدك ما لم يمسك زوجك، فقالت: هو الطلاق ثلاثًا، ففارقته، رواه مالك، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير.

<<  <  ج: ص:  >  >>