للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال سعيد بن جبير: قوامًا لدينهم وعصمة لهم، وقال عطاء: (قِيامًا للناسِ (: لو تركوه عامًا لم يُنظروا أن يهلكوا. وأما حديث عائشة فهو مصدق للآية، ومعناه: أن المشركين كانوا يعظمون الكعبة قديمًا بالستور والكسوة ويقومون إليها كما يفعل المسلمون، وأما حديث أبى هريرة أن ذا السويقتين يخرب الكعبة، فهو مبين لقوله تعالى عن إبراهيم عليه السلام: (رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا) [إبراهيم: ٥٣] أن معناه الخصوص، وأن الله تعالى جعلها حرمًا آمنًا غير وقت تخريب ذى السويقتين لها؛ لأن ذلك لا يكون إلا باستباحته حرمتها وتغلبه عليها، ثم تعود حرمتها ويعود الحج إليها كما أخبر الله نبيه وخليله إبراهيم فقال له: (وَأَذِّن فِى النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) [الحج: ٢٧] فهذا شرط الله لا ينخرم ولا يحول، وإن كان فى خلاله وقت يكون فيه خوف فلا يدوم ولابد من ارتفاعه ورجوع حرمتها وأمنها وحج العباد إليها، كما كان قبل إجابته لدعوة إبراهيم خليله، يدل على ذلك حديث أبى سعيد الخدرى أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: (ليحججن البيت وليعتمرن بعد خروج يأجوج ومأجوج) . وعلى هذا التأويل لا تتضاد الآثار ولا معنى الآية، ولو صح ما ذكره قتادة لكان ذلك وقتًا من الدهر، ويحتمل أن يكون ذلك وقت تخريب ذى السويقين لها بدليل حديث أبى سعيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>