بها كالكتابة والتعريض، قالوا: واللعان عندنا شهادة، وشهادة الأخرس عندنا لا تقبل بالإجماع. قال ابن القصار: فيقال لهم: قولكم: إن القذف لا يصح إلا بالتصريح، فهو باطل بسائر الألسنة ما عدا العربية، فإنها كلها قائمة مقام العربية، ويصح بكل واحد منها القذف، فكذلك إشارة الأخرس، وقولهم: إنه لا يتميز بالإشارة الزنا من الوطء الحلال والشبهة، فإنه باطل، إذا أقر بقتل عمد، فإنه مقبول منه بالإشارة وصورته غير صورة قتل الخطأ، وما حكموه من الإجماع فى شهادة الأخرس فهو غلط، وقد نص مالك أن شهادته مقبولة إذا فهمت إشارته وأنها تقوم مقام اللفظ بالشهادة، وأما مع القدرة فلا تقع منه إلا باللفظ، وعلى أنهم يصححون لعان الأعمى ولا يجيزون شهادته، فقد فرقوا بين الشهادة واللعان. واحتج ابن القصار بأن إشارة الأخرس إذا فهمت قامت مقام النطق بما احتج به البخارى من قوله:(فأشارت إليه)[مريم: ٢٩] ، يعنى مريم، فعرفوا بإشارتها ما يعرفونه من نطقها، وبقوله تعالى:(قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزًا)[آل عمران: ٤١] ، أى إيماء وإشارة، فلولا أنه يفهم منها ما يفهم من النطق لم يقل تعالى: ألا تكلمهم إلا رمزًا، فجعل الرمز كلامًا، وأيضًا فإن النبى، عليه السلام، كبر للصلاة وذكر أنه لم يغتسل، فأشار إليهم أن اثبتوا مكانكم، وكذلك أشار إلى أبى بكر فى الصلاة، والأحاديث فى هذا أكثر من أن تحصى، فصح أنه يعقل من الإشارة ما يعقل من النطق.