وقال ابن القصار: من حبس دارًا أو سلاحًا أو عبدًا فى سبيل الله فأنفذ ذلك فى وجوهه زمانًا، ثم أراد أن ينتفع به مع الناس، فإن كان من حاجة فلا بأس به. وذكر ابن حبيب عن مالك قال: من حبس أصلا تجرى غلته على المساكين، فإن ولده يعطون منه إذا افتقروا، كانوا يوم مات أو حبس فقراء أو أغنياء، غير أنهم لا يعطون جميع الغلة مخافة أن يندرس الحبس، ولكن يبقى منه سهمًا للمساكين؛ ليبقى اسم الحبس، ويكتب على الولد كتاب أنهم إنما يعطون منه ما أعطوا على المسكنة وليس على حق لهم فيه دون المساكين. واختلفوا إذا أوصى بشىء للمساكين فغفل عن قسمته حتى افتقر بعض ورثته، وكانوا يوم أوصى أغنياء أو مساكين، فقال مطرف: أرى أن يعطوا من ذلك على المسكنة وهم أولى من الأباعد. وقال ابن الماجشون: إن كانوا يوم أوصى أغنياء ثم افتقروا أعطوا منه، وإن كانوا مساكين لم يعطوا منه؛ لأنه أوصى وهو يعرف حاجتهم فكأنه أزاحهم عنه. وقال ابن القاسم: لا يعطوا منه شيئًا مساكين كانوا أو أغنياء يوم أوصى. وقول مطرف أشبه بدلائل السنة. قوله: وكذلك كل من جعل بدنة أو شيئًا لله فله أن ينتفع بها كما ينتفع غيره وإن لم يشترط، فإنما ينتفع من ذلك إذا لم يشترط بما لا مضرة على من سبل له الشىء، وإنما جاز ركوب البدنة التى أخرجها لله؛ لأنه ركبها إلى موضع النحر ولم يكن له غنى عن سوقها إليه، ولم يركبها فى منفعة له، ألا ترى أنه لو كان ركوبها مهلكًا لها لم يجز له ذلك، كما لا يجوز له أكل شىء من لحمها.